هل تعلم لماذا أصبحت أبوظبي المدينة الأكثر جذبًا لركوب الدراجات في العالم؟
لكن ممارسة هذه الهواية غير شائعة في الصحراء العربية، حيث يمكن أن تتحوّل هذه التجربة إلى مرهقة وغير مريحة خلال الصيف وتحت أشعة الشمس الشديدة في منتصف النهار.
لكن هذا المنظور قد يتغير قريبًا.
إذ بدأت ثورة الدراجات تنتشر بسرعة في أبوظبي، مع وضع استثمارات ضخمة تحفّز السكان والزوار على حد سواء لخوض تجارب ركوب الدراجات التي لا مثيل لها في أي مكان آخر على وجه الأرض.
في العام الماضي، حصلت أبوظبي على تصنيف مدينة الدراجات" الرسمية من قبل الاتحاد الدولي للدراجات، وهي الأولى في الشرق الأوسط وآسيا التي تفوز بهذه الجائزة.
ومراقب درجات الحرارة الشديدة يدرك أن أبوظبي قد تكون حرفياً، أكثر مدن ركوب الدراجات سخونة في العالم.
للوهلة الأولى، قد تبدو أوراق اعتماد ركوب الدراجات بأبوظبي غير واضحة، حيث تغلب الطرقات الواسعة المخصصة للسيارات، على تضاريس المدينة.
رغم ذلك، شهدت السنوات القليلة الماضية ظهور أميال من المسارات المخصّصة للدراجات بمحاذاة الطرق السريعة الجديدة، حيث رسّخت الإمارة نفسها كبوابة لدولة الإمارات العربية المتحدة في مجال ركوب الدراجات، مستضيفة السباقات الدولية وراعية المواهب المحلية.
وبالإضافة إلى احتضانها قائمة طويلة من مواقع الجذب الأخرى، يمكن أن تصبح أبوظبي نقطة جذب رئيسية لمحبي ركوب الدراجات ولأي شخص يتطلع إلى عيش تجربة مختلفة تمامًا.
خلال فصل الشتاء، تكون المناخات المعتدلة مثالية لركوب الدراجات طوال النهار، لكنها بين مايو/ أيار وسبتمبر/ أيلول، حين تصل معدلات الحرارة أحيانًا إلى 48 درجة مئوية، يتمثّل أفضل وقت لممارسة هذه الرياضة قبل شروق الشمس أو وقت الغروب.
لهذا السبب يمكن العثور على الصديقين آندي كولمان ودان بالتروسيتيس الساعة السادسة صباح يوم العطلة، السبت، بحلتهما الرياضية في جزيرة الحديريات، جنوب المدينة، التي تُعد موطنًا للمنتجعات الشاطئية، وتضم مسار دراجات خاص.
ورغم الوقت المبكر، فهما ليسا الوحيدين.
إذ ينطلق العشرات من راكبي الدراجات الآخرين على شبكة مسارات تتراوح بين 3 و10 كيلومترات، تتضمّن مسارًا مبهجًا فوق المياه.
وتشكل الرياح المعاكسة البرية نوعًا من التحدي على المسارات المسطحة الخاصة بركوب الدراجات.
ويشير ريكي باوتيستا، أحد أفراد فريق من الدراجين الذين يرتدون زيًا موحدًا وينتشرون على مسارات الدراجات مع أول بزوغ لضوء النهار، إلى أنها "تجربة رائعة".
ويعمل أعضاء فريق باوتيستا في متجر دراجات بدبي، وقد غامروا عبر الحدود لاختبار المرافق المجانية في جزيرة الحديريات.
يمكن رؤية الرجال والنساء من جميع الأعمار يعبرون أفق ناطحات السحاب البعيدة للمنطقة المالية للمدينة على متن دراجاتهم.
وللزوار، يوفر متجر Yas Mena Cycles، الذي يفتح في الصباح الباكر، تأجير أسطول من الدراجات على الطرق بأقل من 20 دولارًا في الساعة.
ويقدم فرع قريب من سلسلة محلات Wolfi's لبيع الدراجات المزيد من خيارات تأجير الدراجات الراقية، فضلاً عن بيع دراجات يصل سعرها إلى ما يزيد عن 16 ألف دولار.
أسلوب حياة صحي
كما يوجد بالجوار الجناح الجديد لنادي أبوظبي للدراجات، وهو منصة الانضمام إليها مجانيًا، تنسق أحداث الدراجات العامة والرياضية في الإمارة، وتعمل مع الحكومة على تطوير النشاط، وتشجيع المشاركة، والاستثمار المباشر.
وبحسب نادي أبوظبي للدراجات الذي تأسّس عام 2017، تم ضخ حوالي 1.7 مليار درهم، أي ما يعادل 460 مليون دولار، في مشاريع لصالح ركوب الدراجات مع 445 كيلومترًا من مسار الدراجات قيد الإنشاء.
ومن المقرر الانتهاء من مضمار داخلي جديد، ومسار للدراجات سيربط بين إمارتي أبوظبي ودبي.
أما الهدف، فهو تشجيع أكبر عدد ممكن من السكان المحليين على ركوب الدراجات كي يصبح جزءًا من نمط حياة صحي، ولكن أيضًا من أجل جذب الزوار.
وأوضح المدير التنفيذي لنادي أبوظبي للدراجات، النخيرة الخييلي، أن "أحد الأهداف الرئيسية جذب المزيد من السياح لقضاء إجازة بالدراجة في أبوظبي".
ونظرًا لكونه راكب دراجات متحمس، يمكن العثور على الخييلي في كثير من الأحيان يتدرب حول أحد أكبر المعالم البارزة في مشهد ركوب الدراجات في أبوظبي، أي حلبة مرسى ياس.
ويعد مضمار السباق، الذي يستضيف أحداث الفورمولا 1، مفتوحًا بانتظام للجمهور لركوب الدراجات مساءً أو في الصباح.
يمكن للزوار حجز جلسة مجانية داخل الحلبة، مع توفير خوذة للحماية، إضافة إلى مجموعة متنوعة من الدراجات الهوائية والهجينة مجانًا.
حتى بالنسبة لعشاق الفورمولا 1، فإن التعامل مع حلبة مارينا أمر مثير، حيث تلوح في الأفق مدرجات عملاقة على جانبي الحلبة التي يبلغ طولها سبعة كيلومترات، بالإضافة إلى اليخت الفخم الذي يرسو من حين لآخر مع إطلالة على المضمار.
تجربة سريالية ومرضية
هناك المزيد من تجارب ركوب الدراجات الهادئة، والأكثر تطرفاً على حد سواء، في أبوظبي.
وبالنسبة لأولئك الذين لا يحبّذون التعرق، فإن فرصة استئجار دراجات هوائية للقيام بجولة لطيفة على طول كورنيش الواجهة البحرية، أو في الداخل، على المسارات المحمية بأشجار النخيل في واحة العين، ثاني مدينة بأبوظبي.
ويمكن لأي شخص محظوظ بما يكفي للإقامة في منتجع قصر السراب الصحراوي الفاخر في الربع الخالي، اختبار ركوب الدراجات ذات الإطارات الكبيرة على الكثبان الرملية.
سيرغب راكبو الدراجات المحترفين بالتوجه إلى جبل حفيت، القمة الأعلى في أبوظبي، حيث يوفر طريق العودة الوحشي إلى أي مكان مناظر مذهلة وإطلالات خلابة على الإمارة.
ومن المعالم البارزة الأخرى في الصحراء، مضمار الوثبة للدراجات الهوائية، وهو مسار دائري سلس مصمم وسط اللا مكان، وربما يقدم إحدى أكثر مغامرات الدراجات السريالية والمرضية في أبوظبي.
ويبعد مدخل المسار نحو ساعة بالسيارة عن وسط المدينة، ضمن مجموعة صغيرة من المباني التي تضم متجرًا لتأجير دراجات سباق مستعملة للخدمة كل ساعة.
وفي الصيف، تنتعش مسارات مضمار الوثبة عند غياب الشمس، إذ تضيء مصابيح الشوارع التي تعمل بالطاقة الشمسية بشكل خافت المسارات التي يصل طولها إلى 30 كيلومترًا، والممتدة بعيدًا في الصحراء.
قد يبدو ركوب الدراجات على مسار وجهته مظلمة ومجهولة في الليالي الصحراوية الحارة أقرب إلى استعارة جيدة للإنفاق الهادف من قبل أبوظبي لممارسة رياضة تتعارض مع مناخها.
ولكن إيزابيلا بوركزاك، مديرة الدعوة والتطوير لدى الاتحاد الدولي للدراجات، تقول إن الإمارة تسير على طريق مكلل بالنجاح بعدما أظهرت التزامًا وإرادة سياسية قوية انطلاقًا من معاينتها لتشجيع وتنمية ركوب الدراجات من أجل الترفيه، والنقل، والرياضة.